أهلاً بكم ، بعد
أن سردنا في الموضوع السابق أولى حالات السعي ، نستكمل معاً باقي حالات السعي من تلخيص لكتاب " مناهج الحياة ".
الكتيب الأول : إن
الإقدام على الأعمال الخطيرة يعد أحياناً مخاطرة ، ولكن متى درست المشروع درساً
دقيقاً ، فمن الجبن أن تتقاعد عنه :
فلا تكن جباناً
كالذين تسنح لهم الفرص الحسنة ، وينتبهون لها ، ويتأكدون الظفر بها ، ولكنهم يتقاعدون
عن انتهازها لضعف قلوبهم فتفوتهم ، ويسبقهم غيرهم إليها فيجني الغير ثمارها وهم
ينظرون إليها والحسرة ملء قلوبهم .
ولا تكن متهوراً
كالمغرورين الذين يُقدمون على المشروعات الخطيرة وهم جاهلون كفاءتهم ، أو مخدعون
بأنفسهم .
ميني بوك مناهج الحياة( الجزء الأول )
بل تفهَّم
المشروع جيداً ، واعلم كل لوازمه وزِنه ، وقابله بطاقتك ، فإذا تأكدت أنك تستطيع
إنجازه فلا تبطئ ، ولا تحسب للمشقات حساباً ، فإن الرجل من رقي العقبات ، وذلل
الصعوبات ، واعتقد أن العزيمة تهون الصعب ، وإن لذة الفوز بالمأمول تنسي المشقة .
وأركان الإقدام
هي :
- حب النفس هو مراعاة المرء خير نفسه ، لذلك فإن حب النفس دافع قوي إلى السعي ، ولكنه يجب أن يقف عند حد العدالة بحيث لا يلزم عنه كره الغير .
- معرفة قدر النفس ، فإنها أفضل مزية للإنسان ، لأن ذلك سيؤدي إلى :
- السعي على قدر الطاقة وهو ما يؤدي إلى النجاح .
- السعي عن علم وخبرة فينال على قدرهما .
وعكس ذلك هو
الغرور ، وهو أن يجهل المرء قدر نفسه ، ولكي تنجو من هذا الغرور استوعب كل ما
يُقال عنك من الأصدقاء والأعداء وغيرهم ، واستطلع اعتقاد الناس فيك ، وخذ المعدل
الأوسط فهو "أنت" .
- الاعتماد على النفس ، و معلوم أن هذه العيشة الإتكالية تعود المرء الخمول في أيام شبابه – أيام يكون عائشاً في ظل والديه – ويضطره إلى القناعة أيام يكون رب عائلة ، فتكون مساعيه كلها وقتية ، فكيف ينجح مثل هذا ؟! .
فليس أحد غيرك
يقضي حاجتك مهما كانت زهيدة لا تكلف عناء ، وإن قضاها محبك فلا يُحسن قضاءها مثلك ،
وما من أحد يفرغ من أعماله ومساعيه الخاصة ليسعى ويعمل لغيره .
اسعِ إلى رزقك
بنفسك فتأكل العيش لذيذاً ، وتترشف الشراب مريئاً ، وتتوسد على فراش وثير ، هذه هي
السعادة .
ميني بوك مناهج الحياة( الجزء الثاني )
الكتيب الثاني : والركن
الثالث من أركان السعي هو الإستقامة :
والإستقامة هى أن
يسعى الإنسان إلى حقه بحيث لا يجحف بحق غيره ، فالتاجر لا ينكر ما في ذمته لعميله
لئلا تنتفي ثقة العميل به ويكف عن معاملته .
لذلك فإن نجاح
السعي يتوقف على ثبوت الثقة ، ولا تُثبت الثقة إلا بالإستقامة .
وأهم أركان
الإستقامة هي :
الصدق : أشرف ما
يتجمل به الإنسان الصدق ، والإنسان مطبوع على الصدق ، ولا يلجئه إلى الكذب إلا سوء
نيته أو طمعه أو غلطه أو نحو ذلك ، على أن بعض الناس يخدعون أنفسهم بأنهم يكذبون
كذباً ضمنياً .
- الوفاء: الصدق يستلزم الوفاء ، وهو ثبوت المرء على قوله ، فإذا قال قولاً اليوم لا ينقضه غداً ، وإذا وعد أوفى ، ومما يعظم الثقة بالمرء أن يعد وعداً ويوفيه في حينه .
لذلك فلابد ألا
تقطع عهداً مع أحد قبل أن تتأكد أنك قادر على القيام على بكل شروط ذلك العهد كما يجب
.
ميني بوك مناهج الحياة( الجزء الثالث )
- الأمانة: وهى أن تصون لغيرك حقه الذي تحت تصرفك المطلق ، ولا شئ أكثر تأييداً للثقة بالإنسان مثل أمانته ، لأنها تقضي بحفظ الحقوق لذويها في حين يسهل اهتضامها ، ولا منازع أو مؤنب غير الضمير .
والأمانة تشمل :
- صيانة المال الذي في يدك لغيرك ، وليس له صك به عليك .
- الأسرار التي توصي بكتمها ، أو التي تطلع عليها اتفاقاً، وتعلم أن إفشاءها مضر أكثر من كتمانها .
- القيام بالواجب عليك لغيرك إذا لم يكن عليك رقيب .
- القيام بالواجب عليك إذا لم يكن من يسألك .
- العدل: وهو أن يقنع المرء بحقه ، وإن كان قادراً أن يتمتع بحق غيره ، وليس أنفى للإنسانية من الجور .
وأعظم ما يستميل
به الإنسان غيره إليه ، ويؤيد مقامه بين مواطنيه ويبسط سيادته على المسودين منه إنما
هو العدل .
وإلى هنا نقف ،
على أن نستكمل باقي أركان السعي في المرة القادمة إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات: